فصل: الفوائد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الفوائد:

1- أسلوب الاختصاص هو أسلوب يذكر فيه اسم ظاهر (أي ليس ضميرا) بعد ضمير المتكلم، ليتبين المقصود منه. ويسمى هذا الاسم (المختص).
2- يكون الاسم المختص معرفا (بال)، مثل: (نحن- العرب- نكرم الضيف). أو بالإضافة مثل: (نحن- معاشر الأنبياء- لا نورث).
3- ينصب المختص بفعل محذوف تقديره أخص أو أعني، وجملة الاختصاص اعتراضية لا محلّ لها من الإعراب.
4- قد يأتي أسلوب الاختصاص مع (أيّها أو أيتها) متلوتين باسم معرف بال مثل:
(أنا- أيها العبد- فقير إلى اللّه) (إنني- أيتها العجوز- أشكو ضعفي إلى اللّه) ونعرب (أيها أو أيتها): اسم مبني على الضم، في محلّ نصب على الاختصاص، و(ها) حرف تنبيه، والاسم بعدها يعرب بدلا إن كان جامدا كما في المثال الأول، ويعرب صفة إن كان مشتقا كما في مثال (أيتها) المثال الثاني.
2- إعجاز القرآن:
قال العلماء: في هذه السورة معجزة، وهي: أن اللّه عز وجل قد حسم وبت بأن مصير أبي لهب وامرأته إلى النار، وكان من الممكن والمحتمل أن يدخل أبو لهب وامرأته في الإسلام، كما دخل عمر رضي اللّه عنه وغيره من الكفار أما إصرار أبي لهب وامرأته وموتهما على الكفر، فدليل على أن القرآن ليس قول بشر، وإنما هو من عند علام الغيوب. الذي يعلم ما عليه الإنسان وما ذا سيصير إليه.
3- سبب نزول السورة:
عن ابن عباس قال: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا ونادى: «يا بني فهر، يا بني عدي» لبطون من قريش حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أرسل رسولا، فجاء أبو لهب وقريش فقال صلى الله عليه وسلم: «أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي، تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدقيّ؟» قالوا: نعم، ما جرّ بنا عليك كذبا، قال: «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد»، فقال أبو لهب: تبا لك سائر النهار، ألهذا جمعتنا. فنزلت هذه السورة. اهـ.

.قال محيي الدين الدرويش:

(111) سورة المسد مكيّة وآياتها خمس.
بسم الله الرحمن الرحيم

.[سورة المسد: الآيات 1- 5]

{تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (2) سَيَصْلى نارًا ذاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)}

.اللغة:

{تَبَّتْ} خسرت قال الزمخشري والتباب الهلاك ومنه قولهم: أشابة أم تابة أي هالكة من الهرم والتعجيز والمعنى هلكت يداه لأنه فيما يروى أخذ حجرا ليرمي به رسول اللّه صلى الله عليه وسلم.
وعبارة ابن خالويه ومعناه خسرت يداه والمصدر تبّ يتبّ تبّا فهو تاب والمفعول به متبوب والأمر تبّ وإن شئت كسرت وللمرأة تبي وتبا وأتبين لما خرج التضعيف سكن أول الفعل فجئت بألف الوصل ويقال امرأة تابّه أي عجوز قد هلك شبابها والتباب الهلاك، قال اللّه: {وما كيد فرعون إلا في تباب}، قال عدي:
اذهبي إنّ كل دنيا ضلال ** والأمانيّ عقرها للتباب

لا يروقنك صائر لفناه ** كل دنيا مصيرها للتراب

وقال جرير:
عرادة من بقية قوم لوط ** ألا تبّا لما عملوا تبابا

وقال كعب بن مالك يمدح النبي صلى الله عليه وسلم:
الحق منطقه والعدل سيرته ** فمن يعنه عليه ينج من تبب

والتاء الثانية تاء التأنيث لأن اليد مؤنثة ومعن تبّت يداه أي تب هو لأن العرب تنسب الشدة والقوة والأفعال إلى اليدين إذ كان بهما يقع كل الأفعال.
{سَيَصْلى} أي يحترق بها وصلي من باب تعب، وعبارة ابن خالويه جيدة وهي: ويقال: صليت الشاة إذا شويتها فأنا صال والشاة مصلية ومن ذلك حديث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنه أهديت إليه شاة مصلية، وأجاز الفراء شاة مصلاة لأنك تقول أصليتها أيضا ويقال للشّواء: الصّلاء والمضهّب والرّشراش والرّوذق والمشنّط والمرموض والرّميض والمحنوذ والحنيذ والسّويد أو الشويذ والمحسوس والمحاش والسحساح والأنيض والمفلّس والمخدّع كله الشواء.
{جِيدِها} الجيد: العنق وجمعه أجياد والجيد بفتح الياء طول العنق.
{مَسَدٍ} المسد الذي فتل من الحبال فتلا شديدا من ليف كان أو جلد أو غيرهما، وفي القاموس: المسد بسكون السين مصدر بمعنى الفتل وبفتحها المحور من الحديد أو حبل من ليف أو كل حبل محكم الفتل والجمع مساد وأمساد يقال مسد حبله يمسده مسدا من باب نصر أي أجاد فتله.

.الإعراب:

{تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} {تبت} فعل ماض والتاء للتأنيث و{يدا أبي لهب} فاعل {وتب} عطف على {تبت} أي وكان ذلك وحصل كقوله:
جزاني جزاه اللّه شرّ جزائه ** جزاء الكلاب العاويات وقد فعل

والجملة دعائية لا محل لها، روي في الصحيحين وغيرهما واللفظ لمسلم عن ابن عباس قال: لما نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين} خرج صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا فهتف يا صباحاه فقالوا من هذا الذي يهتف؟ قالوا محمد فاجتمعوا إليه فقال: يا بني فلان يا بني عبد مناف يا بني عبد المطلب فاجتمعوا إليه فقال: «أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح الجبل أكنتم مصدقيّ؟» قالوا ما جربنا عليك كذبا قال: «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد»، فقال أبو لهب: تبا لك ما جمعتنا إلا لهذا ثم قام فنزلت السورة، وقال الزمخشري: فإن قلت: لم كناه والكنية تكرمة؟
قلت: فيه ثلاثة أوجه أحدها أن يكون مشتهرا بالكنية دون الاسم فقد يكون الرجل معروفا بأحدهما ولذلك تجري الكنية على الاسم والاسم على الكنية عطف بيان فلما أريد تشهيره بدعوة السوء وأن تبقى سمة له ذكر الأشهر من علميه ويؤيد ذلك قراءة من قرأ {يدا أبو لهب} كما قيل علي بن أبو طالب ومعاوية بن أبو سفيان لئلا يغيّر منه شيء فيشكل على السامع. إلى أن يقول: والثاني أنه كان اسمه عبد العزّى فعدل عنه إلى كنيته والثالث أنه لما كان من أهل النار ومآله إلى نار ذات لهب وافقت حاله كنيته فكان جديرا بأن يذكر بها، ويقال أبو لهب كما يقال أبو الشر للشرير وأبو الخير للخيّر وكما كنّى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أبا المهلب أبا صفرة بصفرة كانت في وجهه وقيل كني بذلك لتلهب وجنتيه وإشراقهما فيجوز أن يذكر ذلك تهكما به وبافتخاره بذلك. {ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ} ما يجوز فيها النفي والاستفهام وعلى الثاني تكون منصوبة المحل بما بعدها والتقدير أي شيء أغنى عنه المال.
ومن الغريب أن ابن خالويه أعربها رفعا على الابتداء، و{عنه} متعلقان بـ: {أغنى} و{ماله} فاعل والواو حرف عطف و{ما} يجوز فيها أن تكون مصدرية أو موصولة بمعنى كسبه أو مكسوبه ويجوز أن تكون استفهامية منصوبة المحل بما بعدها أي أيّ شيء كسب؟
وعبارة ابن هشام: تحتمل ما الأولى النافية أي لم يغن والاستفهامية فتكون مفعولا مطلقا التقدير أي إغناء أغنى عنه ماله ويضعف كونه مبتدأ.
{سَيَصْلى نارًا ذاتَ لَهَبٍ} السين حرف استقبال ويصلى فعل مضارع وفاعله هو أي أبو لهب و{نارا} مفعول به و{ذات لهب} نعت لنارا لأنها مآل كنيته ومثابتها.
{وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} {وامرأته} عطف على ضمير يصلى سوغه الفصل بالمفعول وصفته وهي أم جميل أخت أبي سفيان بن حرب وكانت عوراء وماتت مخنوقة بحبلها، قالوا: كانت تحمل حزمة من الشوك والحسك والسعدان فتنثرها بالليل في طريق رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وقيل كانت تمشي بالنميمة ويقال للمشاء بالنمائم المفسد بين الناس يحمل الحطب بينهم أي يوقد النائرة بينهم ويؤرث الشر، قال:
من البيض لم تصطد على ظهر لأمة ** ولم تمش بين الحي بالحطب الرطب

وجعل الحطب رطبا ليدل على التدخين الذي هو زيادة في الشر، و{حمّالة الحطب} قرئ بالنصب على الشتم، قال الزمخشري: وأنا أستحب هذه القراءة: وقرئ بالرفع على النعت لـ: {امرأته} وجاز ذلك لأن الإضافة حقيقته إذ المراد المضي أو على أنها بدل لأنها تشبه الجوامد بسبب تمحض الإضافة أو على أنها خبر لمبتدأ محذوف.
وقال ابن خالويه: وفي حرف ابن مسعود {مريئته} مصغرا والعرب تقول هذه مرأتي وامرأتي وزوجي وزوجتي وحنّتي وطلّتي وشاعتي وإزاري ومحل إزاري وفضلتي وحرثي، قال الشاعر:
إذا أكل الجراد حروث قوم ** فحرثي همّه أكل الجراد

وتسمى المرأة بينا والعرب تكنّي عن المرأة باللؤلؤة والبيضة والسّرحة والأثلة والنخلة والشاة والبقرة والنعجة والودعة والعيبة والقوارير والرّبض والفراش والريحانة والظبية والدّمية وهي الصورة والنعل والغلّ والقباء والجارة والمزخّة والقومدّة، وكنى الفرزدق عن المرأة بالجفن فجعلها جفنا لسلاحه، وكانت ماتت وهي حبلى فقال:
وجفن سلاح قد رزئت ولم أنح ** عليه ولم أبعث عليه البواكيا

وفي جوفه من دارم ذو حفيظة ** لو أن المنايا أنسأته لياليا

وكنى عنها آخر بموضع السرج من الفرس فقال يخاطب امرأته:
فإما زال سرج عن معدّ ** فأجدر بالحوادث أن تكونا

يقول: ربما متّ فزلت عنك فانظري كيف تكونين بعدي.
و{في جيدها} خبر مقدّم و{حبل} مبتدأ مؤخر و{من مسد} نعت لـ: {حبل}.

.البلاغة:

في قوله: {في جيدها حبل من مسد} فن التهكم وقد تقدم ذكره، فقد صوّرها تصويرا فيه منتهى الخسّة والقماءة، والمعنى في جيدها حبل من مسد: من الحبال وأنها تحمل تلك الحزمة وتربطها في جيدها تخسيسا لحالها وتصويرا لها بصورة بعض الحطابات من المواهن جمع ماهن وهي الخادم لتمتعض من ذلك ويمتعض زوجها وهما في بيت العز والشرف وفي منصب الثروة والجدّة، وقد تعلق الشعراء بأذيال هذه السخرية فعيّر أحدهم الفضل بن العباس، ابن عتبة بن أبي لهب بحمالة الحطب فقال:
ماذا أردت إلى شتمي ومنقصتي ** أم ما تعير من حمّالة الحطب

غراء شادخة في المجد عزّتها ** كانت سليلة شيخ ثاقب الحسب

والغراء البيضاء، والشادخة المتسعة وذلك مجاز عن الظهور وارتفاع المقدار، والسليلة من سلّ من غيره، والمراد بالشيخ أبوها حرب لأنها أم جميل أخت أبي سفيان بن حرب. وقيل حمل الحطب حقيقة وقيل مجاز عن إثارة الفتنة لأنها كانت نمّامة. وإلى شتمي متعلق بمحذوف أو بأردت على طريق التضمين أي أيّ شيء أردته مائلا أنت إلى شتمي أو منضما هو إلى شتمي أو ما الذي أردته من شتمي أو مع شتمي هل أردت أنك شريف لا عيب فيك ويجوز أن إلى بمعنى من كما قال النحاة ويمكن أنها للمصاحبة كما قالوا أيضا في قوله تعالى: {ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم} وتعير أصله تتعير فحذف منه إحدى التاءين. اهـ.

.قال أبو البقاء العكبري:

سورة تبت:
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى: {أبى لهب} يقرأ بفتح الهاء وإسكانها، وهما لغتان.
قوله تعالى: {ما أغنى} يجوز أن يكون نفيا وأن يكون استفهاما، ولا يكون بمعنى الذى.
قوله تعالى: {وامرأته} فيه وجهان: أحدهما هو معطوف على الضمير في يصلى، فعلى هذا في {حمالة} وجهان: أحدهما هو نعت لما قبله.
والثانى تقديره: هي حمالة و{في جيدها حبل} مبتدأ وخبر في موضع الحال من الضمير في حمالة، ويقرأ: {حمالة} بالنصب على الحال: أي تصلى النار مقولا لها ذلك، والجيد أن ينتصب على الذم: أي أذم أو أعنى.
والوجه الآخر أن تكون امرأته مبتدأ، وحمالة خبره، وفى جيدها حبل حال من الضمير في حمالة أو خبر آخر، ويجوز أن يرتفع حبل بالظرف لأنه قد اعتمد، ومن نصب حمالة جعل الجملة بعده خبرا. اهـ.

.قال حميدان دعاس:

سورة المسد:
بسم الله الرحمن الرحيم

.[سورة المسد: آية 1]

{تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)}
{تَبَّتْ} ماض والتاء للتأنيث {يَدا} فاعل مرفوع بالألف لأنه مثنى {أَبِي} مضاف إليه {لَهَبٍ} مضاف إليه أيضا والجملة ابتدائية لا محل لها {وَتَبَّ} ماض فاعله مستتر والجملة معطوفة على ما قبلها.

.[سورة المسد: آية 2]

{ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (2)}
(ما) نافية {أَغْنى} ماض {عَنْهُ} متعلقان بالفعل {مالُهُ} فاعل والجملة مستأنفة لا محل لها {وَما} اسم موصول معطوف على {ماله} {كَسَبَ} ماض فاعله مستتر والجملة صلة.

.[سورة المسد: آية 3]

{سَيَصْلى نارًا ذاتَ لَهَبٍ (3)}
{سَيَصْلى} السين للاستقبال ومضارع فاعله مستتر {نارًا} مفعول به {ذاتَ} صفة {نارا} {لَهَبٍ} مضاف إليه. والجملة مستأنفة لا محل لها.